تاريخ البطاقة الصفراء في كرة القدم..متى طُبق وما هي أول حالة؟
قد يظن الكثيرون من متابعي كرة القدم أن إشهار البطاقات “الملونة” الصفراء والحمراء بدأ مع ممارسة اللعبة الشعبية الأولى في العالم، وأنه أمر ليس بجديد، لكن هذا غير صحيح. البطاقة الصفراء في كرة القدم لها تاريخ طويل يستحق الذكر.
البطاقات الملونة لم تبدأ في كرة القدم، وتُعد ضمن تعديلات كثيرة أدخلت على قوانين اللعبة وتم استحداثها لحل الأزمات التي واجهت الحكام، خاصة في المباريات الدولية مع اختلاف اللغات.
وكان يعتمد التحكيم في تعامله مع اللاعبين على الإشارة واتخاذ قراراته شفهيًا دون استخدام أي دلالات لإنذار لاعب ما أو طرده، وتسبب اختلاف اللغات في ظهور عدة أزمات حتى قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” منح الحكام حق استخدام البطاقات الملونة خلال جميع المباريات.
ورغم دخول التكنولوجيا لعالم كرة القدم متمثلة في عين الصقر والفيديو المساعد “الفار”، إلا أن الحكم لا يزال يستطيع اتخاذ قرار الإنذار أو الطرد بمفرده أو بمساعدة أحد مساعديه الرئيسيين لو كانت الرؤية غير واضحة.
توجد العديد من الحالات في كرة القدم التي تُجبر حكم المباراة على إشهار البطاقة الصفراء في وجه أحد اللاعبين، بهدف التحذير من المخالفة، ومن أبرز هذه الحالات تدخل قوي على الخصم أو الإعاقة المتعمدة أو الاعتراض غير اللائق بطريقة غير رياضية.
ومؤخرًا أضيف إلى قانون البطاقة الصفراء مخالفة “خلع القميص عند تسجيل هدف“، بالإضافة إلى تعمد التصدي للكرة باليد.
وقد تتحول البطاقة الصفراء إلى البطاقة الحمراء في حال تكرر حصول اللاعب عليها خلال سير اللعب.
لكن السؤال الذي قد يجهل إجابته العديد من عشاق كرة القدم؛ هو متى بدأ استخدام “البطاقة الصفراء” داخل ملاعب الساحرة المستديرة؟
تاريخ البطاقة الصفراء في كرة القدم
وُلدت فكرة استخدام البطاقات الملونة داخل ملاعب كرة القدم من جانب الحكم البريطاني “كين أستون” يوم 24 يوليو 1966.
كانت فكرة استخدام البطاقات الصفراء والحمراء مستوحاة من إشارات المرور، حينما توقف كين أمام إحدى الإشارات في العاصمة الإنجليزية “لندن” أثناء فعاليات كأس العالم الذي استضافته البلاد عام 1966 للمرة الأولى في التاريخ.
رأى كين أستون أنه من الضروري إشارة تحكيمية يمكن للجميع فهمها خلال سير اللعب عندما يقرر تحذير لاعب أو طرده خارج الملعب، و بالفعل تم اعتماد نظام البطاقات الصفراء والحمراء لمعاقبة اللاعبين منذ ذلك الحين.
وتم تطبيق فكرة كين أستون بشكل “تجريبي” لأول مرة خلال دورة الألعاب الأولمبية في المكسيك عام 1968.
حققت فكرة كين أستون نجاحًا كبيرًا، الأمر الذي دفع الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” لعقد اجتماع يوم 20 سبتمبر من عام 1969، لاتخاذ قرار بتعميم الفكرة في جميع دوريات وبطولات العالم، واستخدام البطاقات في جميع المسابقات دون استثناء، وكان أولها كأس العالم الذي استضافته المكسيك عام 1970 وتُوجت به البرازيل.
سبب ظهور البطاقات الملونة
كانت مباراة ربع نهائي كأس العالم 1966 بين إنجلترا والأرجنتين السبب الرئيسي في اللجوء إلى استخدام البطاقات الملونة فيما بعد بل وفي تفكير كين أستون في تلك الفكرة من الأساس.
خلال تلك المباراة العنيفة والمشتعلة، أصدر الحكم “رودولف كريليتين” بعض القرارات القاسية دون العودة أولاً لإنذار اللاعبين، ولم يوضح قراراته خلال المباراة.
تصرفات الحكم رودولف كريليتين دفعت مدرب إنجلترا آنذاك “السير ألف رامسي” نحو التواصل مع المسئولين في الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” لاستيضاح ما حدث عقب نهاية اللقاء.
بعد هذه الواقعة، جاء تفكير البريطاني كين أستون في طريقة لجعل قرارات الحكم مفهومة للاعبين والمشاهدين، وعلم أن السير على طريقة إشارة المرور بطرح بطاقات ملونة مثل الصفراء للتحذير، والحمراء للطرد، سيساهم بشكل فعال على تجاوز الاختلافات في اللغة.
ما هي أول حالة
يُعتبر الحكم الألماني “كورت تشينشر” أول من أشهر البطاقة الصفراء رسميا في تاريخ كرة القدم، وذلك خلال قيادته للمباراة الافتتاحية لمونديال المكسيك عام 1970.
وقام كورت تشينشر بإنذار “كاخي اساتياني” لاعب منتخب الاتحاد السوفيتي (روسيا حاليًا)، قبل أن يقوم كورت بعدها بإشهار 4 بطاقات صفراء أخرى في المباراة ذاتها.
ملك البطاقات الصفراء
منذ إدخال البطاقات الملونة في لعبة كرة القدم، يُعد مدافع ريال مدريد والمنتخب الإسباني، سيرخيو راموس، أكثر لاعب تم إشهار البطاقة الصفراء في وجهه بواقع 219 مرة في 685 مباراة مع الأندية التي دافع عن ألوانها “ريال مدريد وإشبيلية”، و24 بطاقة صفراء خلال مسيرته في 170 مباراة مع المنتخب الإسباني.
وتعرض قائد الملكي للبطاقة الصفراء الثانية والطرد ذات المباراة في 18 مرة، بينما واجه اللاعب العنيف عقوبة الطرد المباشر بالبطاقة الحمراء 8 مرات وكانت جميع الحالات مع فريقه الحالي ريال مدريد.
معركة نورنبيرج
أطلق لقب “معركة نورنبيرج” على مباراة البرتغال وهولندا في الدور ثمن النهائي من بطولة كأس العالم 2006، كونها أهم مباراة في تاريخ البطاقات الصفراء، وفي تاريخ كؤوس العالم.
أدار تلك المباراة الحكم الروسي “فالنتين إيفانوف” يوم 25 يونيه 2006، على ملعب نادي نورنبيرج الألماني “فرانكين ستاديون”، في حضور 41 ألف متفرج.
وحقق الحكم الروسي رقمًا قياسيًا في عدد مرات إشهار البطاقة الصفراء وصل إلى 16 بطاقة، وكان ذلك شيئًا غير مُسبوق في تاريخ مسابقات الفيفا.
العصبية المفرطة التي لعب بها الفريقين كانت ناجمة عما حدث بينهما قبل عامين في نصف نهائي كأس أمم أوروبا 2004 التي استضافتها البرتغال، وشهدت فوز أصحاب الضيافة بنتيجة 1/2.
وبدأ الحكم استخدام البطاقات الصفراء بدءًا من الدقيقة الثانية عندما أشهرها في وجه لاعب الوسط الشهير “مارك فان بوميل”.
وبعد خمس دقائق فقط عاد ليُشهر البطاقة الصفراء للمدافع الهولندي ذو الأصل المغربي “خالد بولحروز” والذي طرد فيما بعد عند الدقيقة 63 لحصوله على البطاقة الصفراء الثانية.
وكانت أول بطاقة صفراء لمنتخب البرتغال في المباراة عند الدقيقة 20 للاعب وسط بورتو وتشيلسي “مانيتشي” والذي سجل هدف الفوز الوحيد لأحفاد فاسكو دي جاما عند الدقيقة 23.
والتالي قائمة البطاقات الـ 16 التي أشهرت في المباراة:
بطاقات هولندا (7 بطاقات صفراء + 2 حمراء): “مارك فان بوميل (د2)، خالد بولحروز (د7 +63)، جيوفاني فان برونكهورست (د 59 + 95)، فيسلي شنايدر (د73)، رافايل فان دير فارت (د74).
بطاقات البرتغال (9 بطاقات صفراء + 2 حمراء): مانيشي (د20)، كوشتينها (د31 + 45)، بيتيت (د50)، لويس فيجو (د60)، ديكو (د73 +78)، نونو فالينتي (د76)، ريكاردو (د76).