تقرير..من أول وأشهر لاعب مثلي جنسيًا في الدوري الانجليزي؟
طفت قضية المثلية الجنسية على السطح من جديد، في كرة القدم الإنجليزية، بإعلان رابطة الأندية دعمها ومساندتها الكاملة للمثليين بدءًا من الجولة الـ 11، ما سبب بعض الحرج للاعبين المسلمين أمثال محمد صلاح وأنتونيو روديجر وساديو ماني ومحمد النني وبول بوجبا، بل وحتى للاعبين غير المسلمين الرافضين لتلك المعتقدات وفي مقدمتهم جيمي فاردي الذي حطم علم قوس قزح عن عمد.
قضية المثلية ليست جديدة في كرة القدم، فقبل سنوات ليست بالبعيدة، فجر اللاعب الألماني المعتزل ونجم وسط ناديي أستون فيلا وشتوتجارت “توماس هيتزلسبيرغر” في الثامن من يناير عام 2014 قنبلة مدوية في تصريحات أدلى بها لجريدة “دي تسايت” الألمانية؛ حين اعترف بتأييده لـ “المثلية الجنسية” وإنه بالفعل شاذ جنسيًا.
قال توماس هيتزلسبيرغر أو هيتسلبرجر آنذاك، إنه كان يحتفظ بهذا السر لسنوات طويلة خوفًا من ردة فعل سلبية تجاهه من المجتمع وزملائه لاعبي كرة القدم سواء في الأندية التي مثلها مثل شتوتجارت وأستون فيلا أو في الأندية والمنتخبات المنافسة، لكنه قرر استغلال اعتزال ممارسة كرة القدم بصفة رسمية للاعتراف أمام مراسل صحيفة دي تسايت الألمانية، وهو الأمر الذي أحدث ضجة كبرى على مستوى المجتمع الكروي العالمي عمومًا والأوروبي خصوصًا.
خلال حديث توماس هيتزلسبيرجر مع الصحيفة الألمانية المذكورة، أكد أن إحساسه بميوله الجنسية الشاذة لم يظهر إلا في السنوات القليلة الماضية، حيث كان في البداية رجلًا عاديًا، وكان على علاقة عاطفية مع سيدة ألمانية في الفترة ما بين عام 2002 وحتى ما بعد 2006، قبل أن يقرر الافتراق عنها ويتوقف عن مواعدة النساء نهائيًا.
وأشار إلى أنه لا يعرف أنني أميل للعيش مع رجل عوضًا عن امرأة سوى قبل سنوات قليلة. لم أشعر بتاتًا بالخجل أو بالعار بسبب ميولي هذا”.
من هو توماس هيتزلسبيرغر؟
توماس هيتزلسبيرغر هو لاعب خط وسط ألماني سابق، ولد في 5 أبريل عام 1982 بمدينة ميونخ في ألمانيا، اشتهر بتصويباته الصاروخية وتمريراته المتقنة كلاعب إرتكاز متقدم، وعمل كمدير رياضي لنادي شتوتجارت الألماني بدءًا من فبراير 2019.
بدأ توماس هيتزلسبيرغر مسيرته الكروية بين صفوف أكاديمية العملاق البافاري بايرن ميونخ، لكنه لم يحصل على فرصة اللعب مع الفريق الأول ليقرر قضاء فترة تدريبية قصيرة مع سيلتيك جلاسكو الاسكتلندي، وبعد فترة قصيرة رحل للاحتراف مع أستون فيلا الإنجليزي في عام 2000.
قضي توماس بعض الوقت في فريق الشباب للنادي الانجليزي قبل تصعيده للفريق الأول بتوصية من المدرب الإنجليزي الراحل جرهام تايلور عام 2002، وتم الاعتماد عليه فيما بعد في خط الوسط تحت قيادة المدرب الآيرلندي ديفيد أوليري، وبعد خمسة أعوام في فيلا بترك عاد إلى ألمانيا ليمثل نادي شتوتجارت، والذي فاز معه بلقب الدوري الألماني موسم 2006/07.
ووقع توماس هيتزلسبيرغر للاتسيو الإيطالي في يناير 2010، قبل العودة إلى إنجلترا من بوابة وست هام يونايتد في وقت لاحق من ذلك العام، ثم قضى فترات قصيرة مع فولفسبورج الألماني وإيفرتون الإنجليزي، وأعلن اعتزاله الرسمي لكرة القدم في سبتمبر 2013، في سن مبكرة للغاية، حيث كان يبلغ 31 عامًا فقط، وذلك بسبب كثرة الإصابات -على حد وصفه-.
ودافع هيتسلبرجر عن قميص منتخب ألمانيا الأول في 52 مباراة دولية ما بين عامي 2004 و2010، وكان ضمن قائمة المانشافت المستدعاة لمونديال 2006 وبطولة أمم وروبا (يورو) 2008.
ماذا يفعل هيتزلسبيرغر بعد الاعتزال؟
اهتم توماس هيتزلسبيرغر بالاقتصاد الرياضي، وأثناء وجوده في بريطانيا درس استراتيجيات الاستثمار عمومًا، حيث كان يزور بانتظام بنك إنجلترا لمناقشة التمويل مع محافظ البنك ميرفين كينج أحد مشجعي أستون فيلا القدامى.
وقام هيتسلبرجر بالتدوين على مواقع مناهضة للعنصرية؛ لمناقشة قضايا حول كراهية الأجانب والعنصرية في بلده ألمانيا.
وفي 12 فبراير 2019 تولى توماس هيتزلسبيرغر منصب المدير الرياضي في نادي شتوتجارت الألماني، وبعد 16 شهرًا فقط تمكن الفريق من العودة إلى الدوري الألماني الدرجة الأولى، البوندسليجا، باحتلال المركز الثاني خلف آرمينيا بيلفيلد.
وقدم شتوتجارت مستويات فنية جيدة جدًا مع بداية موسم 2021/2020 بالمنافسة على مقعد مؤهل للدوري الأوروبي وسط جدول الترتيب، بفضل إبرام توماس للعديد من الصفقات الهامة، حيث جلب الفرنسي أخالي سيسيه، والسويسري جريجور كوبيل، والثلاثي الألماني لوكا ماك وفالديمار أنتون وبسكال شتينزيل، والياباني إندو، فضلاً عن استعارة هيتزلسبيرغر للموهبة الفرنسية الواعدة ناويرو أحمادا من يوفنتوس الايطالي.
انفصاله عن صديقته وإعلان المثلية الجنسية
انفصل هيتزلسبيرغر في 2007 عن صديقته القديمة إنجا توتستاوير بعد علاقة استمرت 8 سنوات، وذلك قبل شهر واحد فقط على موعد زفافهما.
وفي 8 يناير 2014، أصبح توماس هيتزلسبيرغر حديث الساعة واللاعب الأشهر في العالم بسبب المثلية الجنسية، حيث أعلن بشكل واضح وصريح أنه شاذ جنسيًا، مؤكدًا أنه أدرك ذلك فقط قبل سنوات قليلة من علاقته مع صديقته وزوجته المستقبلية.
رأيه في منتقدي المثلية الجنسية
أبدى هيتسلبرجر في وقت سابق بعد اعتزاله، استهجانه من الهجوم على المثلية الجنسية؛ حيث رفض التدخل فى حياتهم الشخصية ونعتهم بـ الشواذ.
وقال اللاعب الألماني خلال المقابلة، التي أعلن فيها ميوله الجنسي للرجال: “أنا لست شاذًا، ولكني مثلي الجنس. لا أجد أى عيب فى ذلك؛ كانت لى علاقات نسائية سابقة ولم أسمع أحد يتحدث، لكن مؤخرًا اكتشفت ميلي للرجال”.
وأضاف: “أنا أستمتع بحياتي الآن مع صديقي الشخصي، ولن أصرح باسمه، من الممكن أن نتزوج، لا أعلم متى ولكني أشعر بالراحة والانجذاب له”.
وأتم هيتزلسبيرغر: “ليس من الضروري أن يعبر الشخص عن ميوله الجنسية من خلال ممارسة الجنس فعليًا، ولكن العديد من المثليين يقيمون علاقات مثلية ملتزمة”.
لاعبون آخرون في الدوري الإنجليزي
في يوليو 2020، أفصح أحد نجوم الدوري الإنجليزي الممتاز عن ميوله الشاذة، ولكنه لم يكشف هويته ورفض إعلان اسمه لوسائل الإعلام المحلية.
جاء هذا بحسب ما نشرت صحيفة ذا صن البريطانية، رسالة أرسلها لاعب من لاعبي أندية البريميرليج كتب فيها: “أنا مثلي الجنس، وكتابة مثل ذلك الأمر في رسالة أراه خطوة كبيرة بالنسبة لي”.
وأضاف نفس اللاعب دون ذكر اسمه “فقط أنا وعائلتي ومجموعة صغيرة للغاية من الأصدقاء على علم بهويتي الجنسية، ولا أشعر أنني على استعداد لمشاركة ذلك مع فريقي أو مديري الفني. هذه الحياة كالكابوس بالنسبة لي، هذا يؤثر على صحتي النفسية. أشعر أنني محاصر وسط مخاوفي”.
وواصل: “الحصول على شريك حياة في منتهى الصعوبة نظرًا لظروف مهنتي، في الوقت الحالي أتجنب العلاقات بشكل كامل، لأن العثور على شريك لمدى طويل يتطلب مستويات ثقة عالية من الصعب منحها لأي شخص”.
وشدد على ضرورة خضوع اللعبة لتغييرات قائلاً: “لا أظن أن كرة القدم مستعدة بعد لخروج أحد اللاعبين بمثل ذلك، اللعبة في حاجة لتغييرات جذرية لتحقيق ذلك. على الكل بما فيهم الجماهير والمدربين واللاعبين وملاك الأندية أن يتعلموا كيفية التعامل مع المثلية الجنسية”.
وأكمل حديثه المثير للجدل “لو كنت سأعلن للجميع أريد أن أتأكد من حصولي على الدعم من الكل في أية خطوة، لقد سمعت هتافات ضد المثلية لمرات ومرات لا يمكن عدها، أتمنى لو أنني لم تكن حياتي بتلك الطريقة”.
وشهد تاريخ كرة القدم الإنجليزية إعلان لاعب نوريتش سيتي السابق “جاستن فاشانو” ميوله الشاذة في عام 1990، وانتحر بعدها بثمانية أعوام.
لماذا عادت المثلية الجنسية لتتصدر المشهد مرة أخرى؟
عادت القضية لتنفجر مرة أخرى، بعدما حطم نجم ليستر سيتي الإنجليزي، جيمي فاردي الراية الركنية في ملعب برامول لين، بعد تسجيله هدف الفوز للثعالب على شيفيلد يونايتد يوم الأحد 6 ديسمبر 2020، ضمن منافسات الجولة 11 من الدوري الإنجليزي الممتاز، وقد أثار الجدل حول ما إذا كان هذا التصرف متعمدًا من عدمه.
ونال فاردي البطاقة الصفراء على كسر عصا الراية الركنية التي كانت تحمل ألوان علم المثلية الجنسية، احتفالًا بالهدف الذي سجله في مرمى شيفيلد يونايتد.
وركض اللاعب الدولي الانجليزي والبالغ من العمر 33 عامًا باتجاه زاوية الركلة الركنية، ثم انزلق وضرب بقوة عصا الراية بقدمه اليسرى ما أدى إلى كسرها تمامًا.
وتصدرت لقطة فاردي موقع التواصل الإجتماعي تويتر في إنجلترا، في ظل توقع بعض المغردين أن هداف ليستر سيتي قام بكسر عصا الراية الركنية التي تحمل علم بألوان القوس قزح لأنه “كاره للشواذ جنسيًا”، كما أيدوا ما قام به النجم الإنجليزي.